ليليات .. عبدالإله بلقزيز



نص قدمه الفنان الرائع مرسيل خليفة بمقدمة طويلة قال فيها:

"أظن أنني أقرأ كلمات حب عابقة بزهر اللوز... أرغب نصاً في عزلة الروح ووحدتها لأصغي إلى حفيف أجنحتها... 

"لقد استدرجتني ليلياتك، كما يستدرجني البزق إلى خيام النور تحت جسر الدجاج ..."

"... يكتب عن حياته كما عاشها وكما رآها... يدون أحلامه بالحرية... يكون كما يريد أن يكون، لا كما يريدون ... "

ليليات عبدالإله بلقزيز سيرة في قالب نص أدبي باذخ، يسردها بضمير المخاطب وكأنه يذكر القارئ بجزء من حياته، جزء وكأن القارئ نسيه عن حياته في خضم صراعاته مع الحياة، فيخبره عن الوجود والعدم، عن الشعر والنثر، عن الشك والإيمان، عن الليل والنهار، عن الوهم والخوف، الأمل واليأس... 

نص تؤمن من خلال قراءته بأن للغة فعلاً سطوتها وسحرها جعل من عمل السيرة أو الحديث بها عملاً فنياً ابداعياً لكلماته حلاوة ً تأسرك، وها أنا أعود لهذا النص بين الفينة والأخرى مأخوذ بهذا السحر ولا أكتفي.

ومن المواضيع الكثيرة التي تحدث عنها من خلال هذا النص عن رؤاه لأمور شتى كان له حديثا عن المرأة في حياته، وكيف لا يكون وهو المرهف المبدع، وها أنا آخذ من كلماته عنها بقبس نهتدي به لفك اسرارها وحل لغزها، إذ يقول:

"المرأة متناقضات تختلف وتأتلف، كحوار صعب بين القانون والقيثارة في تخت شرقي. الصعب سهل إليها والسهل صعب، وبين يديها تتحلق الأغنيات؛ هادئة أو صاخبة، وينتحر الكلام المعد للزخرفة. ما أشد هدوءها حين ينفجر صمتاً أو لا مبالاة؛ حين تصير العينان لساناً والجفنان شفتين، حين تختصر المسافة بين الأضداد، فيرقد الرمادي سيداً في المقلتين." 

ويقول: "حين تضرب عنك امرأة، تعجز السياسة عما أخفق فيه رصيد الحب. لا تجرب، حينها، أن تعاند، كي تعيد للكرامة كرامتها؛ فالكرامة هنا، اسم ماكر لفحولة رسبت في امتحان الآداء. عليك فقط أن تمنح الغضب حصته من الوقت كي ينحسر عن جسد تلبّسه خلسةً، وأفسد في العينين الصفاء."

"للمرأة طريقتها في ترويض الليل على إفشاء أسراره. لكن الليل يجحد، ويخفي هزيمته كي لا تفتضح هشاشة السواد الثاوي في صمته."

ولا يخفى عليه وهو الأديب الساحر أن "امرأة واحدة تكفي لتنشأ القصيدة من لا فكرة، ولتفيض الصورة عن جملتها، وينتظم في فوضى البدايات ميزان." 

و أخيرا يا سادة، يذكرنا بلقزيز بمبدأ أن الذكرى تنفع المؤمنين فيقول: "الموت مذكر في اللغة، والحياةُ أنثى... "

تعليقات

الأكثر قراءة

تاريخ اليهود منذ بدايتهم حتى تشتتهم على أيدي الرومان*

توأم الروح

تاريخ المكتبات (٣) الحضارات القديمة وأوراق البردي