جامع الكتب
رواية متطرفة في
جميع مناحيها، رواية
متوحشة تحاول أن
تعري التوحش الذي
يكسونا في عشقنا،
اهتماماتنا أو حتى
علاقاتنا. رواية جامع
الكتب (دانيال) ذلك
المهووس بتطرف في
جمع نوادر الكتب
وغريبها، الرجل الذي
له مخيلة تستوعب
كل غرائب وخيال
القصص التي يقرأها
وكأنها شيء طبيعي،
مما أظهره ذلك
بمظهر الشاذ وغريب
الأطوار في أعين
الناس، وَمِمَّا دعاه
أيضاً أن يرى
جمود مخيلة أفراد
مجتمعه وبلادة تفكيرهم
بالشيء الغريب والممل
أيضاً، حاول أن
يخنق شخصيته الحقيقية
وأن يخفي كل
ما تنطوي عليه
شخصيته من تدفق
كرنفالي للخيال والأفكار،
وهوسه القطعي لرؤية
الأشياء عبر كل
قطعة كريستال مشوهة
يعثر عليها. هذا
التناقض هو ما
ينهك أرواحنا ويدمر
حالتنا النفسية ويحيلنا
إلى مسوخ شئنا
الاعتراف بذلك أم
أبينا. هذا التناقض
وهذا الاختلاف أثّر
في جميع علاقاته،
فعلاقته مع اخته
الصغرى التي تزيد
عنه تفرداً وانعزالاً
بسبب مرض نادر
أصابها بالتشوه والانعزال،
بعلاقته بخطيبته ثم
بعشيقته أيضاً، أحداتٌ
وأحداث، ومع كل
هذه التخبطات وفِي
خضم الأحداث والقصص
التي تُروى على
نسق جنون شخوصها
تحدث جريمة قتل
تسعى الرواية إلى
اكتشاف تفاصيلها وبالرغم
أننا نجد أن
الرواية تكتسي ثيمة
الرواية البوليسية الغامضة
ولكنها تحمل في
طياتها الكثير من
المجاز في تشريح
تطرف الإنسان وجنونه
فيما يحب ويعشق،
أو عندما يكره،
ردَّات فعله في
علاقته بمن حوله،
خاصة عندما يكون
كشخص دانيال -بطل
الرواية- شغوفاً
بالاختلاف يريد أن
يغير العالم أو
أن يجعله ملائماً
لشخصيته حتى يستطيع
البقاء، وإما أن
يتخذ النقيض تماماً
على عاتقه، إما
أن يدمر العالم
أو يدمر نفسه
كمهرب عن عالم
لم يستطع التعايش
مع من فيه،
وفكرة (الفناء
كمهرب)
هي أكثر الأفكار
تطرفاً في المحاولة
للهروب من هذا
العالم.
رواية
تخللتها الكثير من
المعلومات عن أشخاص
مبدعين مميزين أخذهم
الشغف والهوس بالشيء
الذي يؤمنون به
أو يحبوه إلى
الجنون، بل إلى
أكثر أوجه الجنون
بشاعةً.
جامع
الكتب رواية الهوس،
الجنون، التوحش والنار..
ولتتضح معاني هذه
الكلمات الأربع، لابد
من أن تقرأ
جامع الكتب لجوستابو
فابيرون باترياو / ترجمة
محمد عثمان خليفة
/ العربي للنشر والتوزيع.
تعليقات
إرسال تعليق