زوربا اليوناني
زوربا اليوناني رواية للفيلسوف و الأديب اليوناني نيكوس كازنتزاكي والتي تدور أحداثها وحوارات سردها بين الرئيس وهو شاب قاريء وكاتب مثقف مر بمنعطفات كثيرة في حياته أدت إليه بمحاولة تغيير هذا النمط من الحياة ومحاولة العثور على حياة أكثر اندفاعاً وحرية وفي بداية هذه الرحلة شاءت الأقدار أن يقابل زوربا اليوناني وهو شيخ تجاوز الستين لم يذهب إلى المدرسة ولم يلق التعليم الكافي سوى من مدرسة الحياة، عاش التجارب من كل لون فانفتح ذهنه واتسع قلبه أكثر فبقدر ما واجه من تحديات وصعوبات ارتقت روحه حتى أيقن ان المشكلة في الحياة وليست في الموت فلذلك عاش الحياة بدون أدنى خوف من الموت. وهنا نلتمس أن بعض التعليم الموجه قد يجعل الإنسان محدوداً بأطر تقيده بدون أن يشعر، فنجد ردود الأفعال على المواقف والأفكار، على المشاعر والآراء من وجهة المتعلم الذي ينظر للأمور ويحكم عليها من خلال ما قرأ وتعلم وسمع فقط، وبين الذي عايش الأمور وواجهها بفطرة إنسانية مجردة لم توجه ولم تقيد، ويتضح هذا الفرق بين من مارس الحياة بالتجربة الحقيقية وبين من مارس الحياة من خلف جُدُر بتعبيره في قوله (إن المتوحشين الأفارقة يعبدون الثعبان لأنه يلمس الأرض بكل جسده فيعرف جميع أسرار العالم... أما نحن المفكرين فلسنا سوى طيور فارغة الرأس تحلق في الفضاء).
فلو أخذنا إحدى تلك المواقف، وقارنا بين نظرتين، نظرة المثقف من برجه، نظرته المكسوة بالمثالية، ونظرة الإنسان العادي الملامس للأمر، نجد رد زوربا اليوناني لرئيسه على بعض مثالياته التي يدعيها في فكرة المساواة بين الغني والفقير، بين الرجل والمرأة وقس على ذلك من المثاليات وأن الاستمرار في دعوى المثالية والمطالبة بالحقوق المشروعة بدون رؤية واضحة (سيكون صباً للزيت في النار... سترغب الدجاجة أن تصبح ديكاً، سيحدث شجار بين الطرفين فيتطاير ريشهما...! دع الناس يعيشون أيها الرئيس ؛لا تفتح أعينهم)! إلا إذا !!
وهنا السر، (إلا إذا تمكنت من فتح أعينهم كي تريهم عالماً أفضل من الظلمة التي يتخبطون فيها حالياً ... هل تستطيع؟) هنا رجل المثاليات يتحدث ويدعو ومن يعاني لا يعنيه من كل الدعاوى إلا أن يؤول حاله الى الأفضل بأي طريقة كانت. في هذا النص تنبعث الحكمة، الروح، الحياة، السعادة، فيها دعوة للخروج من بوتقة الإنسان الآلي المقيد بالعلوم والمجتمع إلى رحاب الفطرة الإنسانية التي يجب أن تكون الأساس الذي يُبنى عليه الإنسان.
تعليقات
إرسال تعليق