المشاركات

عرض المشاركات من 2021

في مديح الموت

صورة
    الموت هذا المخلوق الغامض، المخلوق الذي أشغل الفلاسفة والمفكرين منذ الأزل وقد يشغلنا في أحيان كثيرة، كم منا أخذه التفكير في الموت، عن ماهيته وكيف يكون، ماذا يشعر الانسان عند زيارته له، كم أشغل الموت والخلود مخيلة الفلاسفة، يقول سقراط: حين يأتي الموت لإنسان يحدث أن يموت الجزء الميت منه بينما الجزء الخالد يبتعد ويختفي، سليماً وسرمدياً يتجنبه الموت. ويقول: ليس للنفس شيء لتأخذه معها إلى هاديس إله مملكة الموت غير التربية والنشأة التي يقال إنها الأهم في منفعة الموتى أو تضررهم حالما تبدأ رحلتهم إلى هناك.  شغل الموت وألم الفقد الإنسان منذ آلاف السنين فها هو جلجامش في حزنه على موت أنكيدو يقول:  الشاب الجميل, الشابة الجميلة  ينتزعهم الموت من كهوفهم  لا أحد يمكنه أن يرى الموت  لا أحد يمكنه أن يرى وجه الموت  لا أحد يمكنه أن يسمع صوت الموت إن الموت قاس لا يرحم  متى بنينا بيتاً يقوم إلى الأبد؟ متى ختمنا عقداً يدوم إلى الأبد؟ وهل يقتسم الأخوة ميراثهم ليبقى إلى آخر الدهر؟  وهل تبقى البغضاء في الأرض إلى الأبد؟ وهل يرتفع النهر ويأتي بالفيضان على الدوام؟ والفراشة لا تكاد تخرج من شرنقتها فتبصر وجه الشم

جنتلمان في موسكو .. رواية التحوّل

صورة
  الجنتلمان في موسكو هو الكونت ألكسندر  إلييتش روستوف المتهم بأنه سليل  الطبقة الارستقراطية، وهذه التهمة كفيلة بأن تجعل اللجنة الطارئة لمفوضية الشعب للشؤون الداخلية أن تحكم عليه بالإقامة الجبرية في فندق المتروبولتان العظيم في موسكو لتبدأ من هنا حكاية سرد تحول روسيا من روسيا القيصرية إلى روسيا البلشفية. ولكن السؤال هنا لماذا يحكم بالإقامة الجبرية؟ لماذا لم يُنفى  ويشرد من روسيا بما أنه من سلالة النظام البائد والذي أقيمت عليه الثورة؟ "فكر الكونت: منذ ظهور الانسان على سطح البسيطة والرجال يذهبون إلى المنافي. لكن الروس كانوا أول من يبرع في فكرة نفي الانسان داخل وطنه. في القرن الثامن عشر كف القياصرة عن طرد أعدائهم خارج البلاد، وآثروا بدلاً من ذلك إرسالهم إلى سيبيريا. لماذا؟ لأنهم قرروا أن نفي رجل من روسيا كما نفى الرب آدم من جنة عدن ليس بالعقاب الكافي؛ ففي بلد آخر، قد يُغرِق الرجل نفسه في العمل، ويبني بيتاً وينشيء أسرة. أي أنه قد يبدأ حياته من جديد. لكن عندما تنفي رجلاً داخل بلده، فلا وجود لبداية جديدة".   ومسلماً بهذا الحكم وما ينطوي عليه من عذاب نفسي أكثر من أي شيء آخر، ينتقل الك
صورة
  آرثر شوبنهاور الفيلسوف الألماني الشهير،  الذي وصفه تولستوي بقوله "عبقري بامتياز بين الرجال"، "واعتبره ريتشارد فاغنر (هبة من سماء)؛ ويقول نيتشه عندما قرأ له (تركت ذلك العبقري الكئيب يعمل بحيوية في عقلي) فهذا الرجل الواقعي السوداوي له الأثر الكبير في الخارطة الفكرية الغربية وفي هذه الحلقة سأتحدث إليكم عن فلسفة شوبنهاور نحو المعاناة والألم، ضرورتها في حياتنا ولماذا يجب أن نتقبلها ونتعايش معها لتصبح حياتنا أفضل، طالما أننا نعي ونعرف تمام المعرفة أن هذه الحياة لا تخلو من الألم، الألم بأنواعه النفسي والجسدي نحن نؤمن بأن الانسان خُلق في كبد لكن كيف لنا ان نتعايش ونستفيد من ذلك.    يبدو من الغريب أن نجد من يتحدث عن إيجابية الألم، يبدو أنه موضوع يشوبه شيء من التناقض ولكن من خلال فلسفة شوبنهاور التشاؤمية التي يرى من خلالها أن البشر مثل الخراف في الحقل التي تلهو تحت عين الجزار الذي يختار واحداً تلو الآخر ليكون ضحيته فالألم والمعاناة قادمان قادمان لا محالة لذلك يجب أن نتعامل معهما.           فماذا يقول شوبنهاور عن ذلك؟  اقرأ في هذه المدونة "حرم الجمال..قصة ورسالة"    انق

عندما تكون الحياة ليست على مقاسك!

صورة
    أنتونيو غارثيا آنخل، روائي كولومبي شاب وأحد أهم الروائيين الشباب في أمريكا اللاتينية يقدم لنا من خلال روايته "تداع" صورة حية ومفصلة لمدينته التي قضى فيها نصف حياته، مدينة بوغوتا   عاصمة كولومبيا ، هذه المدينة الحية، المزدحمة مثلت البطل الرئيسي لهذا النص الذي يجمع بين صخب حياة المدينة والعولمة والحداثة، ورتابة حياة الانسان المتماهي مع دوامة العيش فيها.   تبدأ الرواية بحدث غرائبي للشاب خورخه، فعند بداية يومه المعتاد واستعداده للذهاب إلى عمله يتفاجأ بأن مقاس حذائه لا يناسبه، فقد ضاق حذاؤه، مما اضطره للبحث عن شراء حذاء يناسب مقاسه الجديد، ومن لحظة خروجه نبدأ استكشاف بوغوتا بشوارعها وأزقتها، مواصلاتها، محلاتها، مطاعمها وبأدق تفاصيلها. حصل خورخه على حذائه الجديد وسعى لزيارة الطبيب حتى يعرف سبب هذا التغير، باحثاً عن علاج. وبعد هذا الحدث يبدأ السرد المتقافز بجمله القصيرة يصور رتابة حياة الانسان، وروتين الموظف من الطبقة الكادحة في هذه المدينة فيومه يبدأ بالذهاب إلى العمل، ممارسة عمله، أخذ وقت للراحة يقضيه في تناول وجبة خفيفة ومشاهدة ما يعرض على التلفاز، بغض النظر عما هو معروض، فلم