قراءة في عزازيل.. الرواية


يوسف زيدان دكتوراة في الفلسفة الإسلامية و باحث متخصص في التراث العربي المكتوب و علومه كاتب عزازيل التي هي نتاج بين خليط مركب و مركَز و متجانس بين الأدب و البحث العلمي فكيف نتوقع لهذا الخليط ان يكون؟؟
فلقد عرَف المنفلوطي الجمال في كتاب النظرات أنه هو "التناسب بين أجزاء الهيئات المركبة سواء أكان ذلك في الماديات أم المعقولات, و في الحقائق أم في الخيالات" .. هذا ما فعله بالضبط الدكتور يوسف زيدان فأنتج للأدب العربي الحديث تحفة في غاية الجمال .. ناقش في صفحاتها التي تزيد عن الأربع مائة صفحة  بإسلوبه الأدبي الفاخر و دقة بحثه المتوغل في الحرفية اللاهوت المسيحي و كشف أحداثا في نشوء الطوائف المسيحية و خلافاتها اللاهوتية و حروبها ..
أبهر أصحاب الديانة بدقة التفاصيل, أبهر الأدباء بتلك الحوارات الإنسانية المتوغلة في الإحساس و اللغة الشعرية الرائعة.

 
الرواية هي تدوين للراهب هيبا لخواطره و مذكراته التي استحثه عزازيل (الشيطان) لكتابتها مستذكرا ما مر به من أحداث عند انتقاله من بلدته الأولى الواقعة بأطراف بلدة أسوان جنوب مصر إلى الاسكندرية ثم إلى أورشليم و ما تلاها من تنقلات, و متسائلا عن ما يجول في خاطره من ما يلحظه من الخلافات اللاهوتية العميقه.

لست هنا في مقام المادح أو الناقد فيكفي هذه الرواية فوزها بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2009 م ,و لكن أكتب هذه الاسطر لأشاطركم اقوى سؤال أثارته هذه الرواية داخلي فكريا : (الفلسفة).

 
الفلسفة: كلمة يونانية الأصل تعني (حب الحكمة) .. الفلسفة كانت هي المارد اللذي أثار حفيظة البابوات و القديسين و أشعلت الفتيل, فمن قرأها أو تعلمها فهو مهرطق سيبتعد عن طريق الرب لا محالة, فواجهوها  بطرائق شتّى فمنعوا كتبها ,و أوجبوا التنكيل لمريدها.
 
أجد أننا واجهنا هذا التحذير و التخويف على عقائدنا من الفلسفة منذ نعومة أظافرنا في مراحل الدراسة الأولى...
 

فهل فعلا الفلسفة هي شيء مخيف ؟؟
أم أن إعمال العقل و إشعال فتيل التفكير شيئ مخيف؟؟
أو البحث في أسرار الأشياء هو المخيف ؟
 

فمن المستفيد من أن يبقى الإنسان كجماد مستسلم بدلاً من أن يكون مفكراً يفرق بين ما يفيده و ما  لا يفيده و بين ما يعارض عقيدته و مالا يعارض ؟؟

نحن كمسلمين نعي بأن هناك مسلمات و أن هناك ما نؤمن به إيمانا قاطعا بروايات القرآن أو بروايات أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم , لكننا (لم نمنع) من التفكير..
 
فهل علوم الفلسفة تستحق كل هذا الزخم و هذه التحذيرات منذ العصور الأولى لنشوءها إلى الآن؟؟
 

تعليقات

الأكثر قراءة

تاريخ اليهود منذ بدايتهم حتى تشتتهم على أيدي الرومان*

توأم الروح

تاريخ المكتبات (١).. مكتبة إيبلا هي الأولى