حرم الجمال .. قصة ورسالة

كلمات من ذهب أصنع بها أيامي

سنتان ونصف مرت على ولادة قناتي حرم الجمال. ابتدأت القناة وكأي مشروع بمجرد فكرة، فكرة أقاوم بها الطاقة السلبية للمجتمع، فكرة برقت في لحظة سأم، سئمت فيها نقاشات التويتر وباقي وسائل التواصل الاجتماعي، سئمت علو كعب التفاهة في ما يطرح وما يقال، سئمت الشتائم في نقاشات الرياضة والسياسة، سئمت ممن يؤدي دور العالم الفقيه، المهندس، الدكتور، والفريق ركن طيار من خلف الشاشة ولوحة المفاتيح، يفتي في الدين، ويصف علاجاً لمريض، ويضع خطة مباراة كرة قدم، ويحلل الخطط الاستراتيجية لدولة ما. سئمت أصحاب النظرة السوداوية للحياة، ممن يتلذذون بإحباط كل من يقابلهم، يتنبؤون بكل ما من شأنه أن يجعلك تكره الحياة على أقل تقدير، يُشعرونك بأنه ليس في الحياة ثمت فسحة، وليس لك الحق في التلذذ بساعة هدوء، أو نقاء، يشعرونك بأن الاستمتاع بحياتك هو تعدي على حقوقهم. لم أنشئ هذه القناة  لفرط رفاهيتي التي أعيشها والتي تعمي عيني وتغيبني عن كل ما في الحياة من بؤس، ولكن أنشأتها حتى أجد ملاذاً ألتجيء إليه ولو لبرهة بعيداً عن كل أحزان هذا العالم وبؤسه، ملاذاً اصطحب إليه معي كل من يريد الانزواء معي تحت ظل كلمة، أو لوحة نتجلى في سماء ألوانها. نجدد إيماننا بالحياة، نتجرع الجمال لنقوى على مواجهة البؤس وأصحابه ودعاته، نجدد طاقاتنا من خلاله. 

اقرأ في هذه المدونة "الجمال" انقر هنا 


أنشأت هذه القناة بأبسط الإمكانات وبجهد فردي خالص لتكون القناة إحدى المصادر العربية في تقديم المعرفة، وزيادة الوعي الثقافي نحو الفن بمدارسه وتاريخه وحكاياه، لتكون منصة أعرض من خلالها النص الأدبي الباذخ، وأشارك من خلالها قراءاتي واقتباساتي من الكتب التي أقرأها، بغرض تحفيز المتابع على القراءة. ولتحقيق ذلك كان لزاماً علي ألا أفسح لتواضع الإمكانات مجالاً لاحباطي، ألا أستسلم أمام سطوة جمهور التافه والمبتذل، كان لزاماً علي أن أضرب بآراء كل من قال أن ما أقدم عليه مضيعة للوقت عرض الحائط، وبآراء كل من قال أن اليوم هو زمن الكوميديا، وأن جمهور اليوتيوب والميديا الجديدة اليوم لا يبحث عن المعلومة الجادة. والآن بعد سنتين ونصف من الجهد في البحث والتدوين والإنتاج علمت أنني على صواب وأن التواقين للجمال والباحثين عن المعرفة مازالوا بيننا، أرقب متابعتهم، أسعد بتعليقاتهم ومرورهم وأسئلتهم واقتراحاتهم التي لها التأثير المحفز على الالتزام أكثر نحو القناة ومحتواها في تحقيق الهدف الذي تحمله ألا وهو السعي للحفاظ على التوق إلى الجمال والعمل على الارتقاء به في ذواتنا، وتذوقه في كل موجود من حولنا حتى تعم المحبة وتشرق الأرواح ويكسو الوجوه البهاء. فكل كلمات الشكر والامتنان لن تفي حق من تابع هذه القناة وآمن بها ودعمها بكلمة أو تعليق أو اقتراح.

اقرأ في هذه المدونة "الفن شغف الحياة" انقر هنا

هذه القناة عرت أمامي الكثير ممن يحملون بداخلهم قوة مقاومة عنيفة نحو الجمال وحب الحياة والمعرفة، هذه القناة كشفت لي الستار عن صنف من الناس يعرِّف السلبية على أنها (واقعية)، والضجيج (تفاعل)، والجمال مجرد (ترف) لا تحتمله حياتهم، لم يعوا بعد أن الحياة ستنتهي ولن تنتهي مشكلاتها وتعقيداتها، لم يعوا بعد بأنهم لو أنهم منحوا حياتهم مساحة من السكينة، والانشغال بجمال الحياة لا بمآسيها لتمكنت أرواحهم من التقاط أنفاسها في ماراثون الحياة القصير. فأين هؤلاء عما قاله سعدي الشيرازي: "لو كنت أملك رغيفَي خبز لابتعت بأحدهما وردة". فالإنسان ليس مجرد جسد، الإنسان روح، ولا تستقيم هذه الروح إلا بصفائها ونقائها، ولا يكون ذلك إلا بالعاطفة والجمال والإبداع. 
البحث في جمال اللغة وإبداعها، في الفنون وابتكاراتها وتعبيراتها، في الطبيعة وسحرها ليس من الترف بل من الضروريات التي نقوّم بها إنسانيتنا التي إن لم نحافظ على ما تبقى منها في ظل هذا العنف والبؤس والإحباط الذي يغزو العالم وأرواح البشر فإنه لن ينقصنا حينها سوا المخالب والفراء لنكمل مسيرة الحياة.

اقرأ في هذه المدونة "من طب العيون .. لامتاع العيون" انقر هنا
***

هذه أبرز قوائم القناة التي يمكنكم الوصول إليها بالنقرعلى العنوان، وأرجو أن أكون قد حققت من خلالها جزء بسيط من الهدف الذي أسعى إليه:  

بودكاست حرم الجمال (ساوند كلاود) ( انقر هنا)

بودكاست حرم الجمال (أپل بودكاست) ( انقر هنا)


تعليقات

  1. كانت صدفه معرفتي لمدونتك , سعيدة جدًا , كل شيئ رائع , شكرًأ لك .

    ردحذف
  2. شكرا على نافذة التفاؤل و إطلالة الحياة التى منحتنا إياها في هذه المدونة

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة

تاريخ اليهود منذ بدايتهم حتى تشتتهم على أيدي الرومان*

توأم الروح

تاريخ المكتبات (٣) الحضارات القديمة وأوراق البردي