ومضات من حياة في الإدارة



تعج المكتبات بالكتب المتعلقة بالإدارة، فنونها وعلومها، ولكن الكثير من هذه الكتب تبقى في حيز التنظير لا نجد لمحتواها مجالاً للتطبيق في مجتمعنا المنهك بالبيروقراطية، لذلك كانت سيرة الدكتور غازي القصيبي رحمه الله الإدارية المستخلصة من عمله الدؤوب في هذا المجتمع وهذه الدولة في طور تنميتها هي أكثر صدقاً وواقعية بعيدة عن التنظير والمثالية. لذلك ارتأيت أن أحاول جمع بعض هذه النصائح، الاقتباسات أو التفصيلات الصغيرة المقدمة على طبق من ذهب لكل شخص، طالباً على مقاعد الدراسة أم مسؤولا في أعلى المناصب، و كلي يقين بأن النقاط التالية هي جزء بسيط جداً مما قد يستقيه أي شخص يقرأ هذه السيرة المليئة بالمواقف حلوها ومرها. إليكم هذه النقاط المقتبسة التي أرجو أن تؤدي الهدف التي كُتبت من أجله. 
   
  • السلطة بلا حزم، تؤدي إلى تسيب خطر، وإن الحزم بلا رحمة، يؤدي إلى طغيان أشد خطورة.
  •       إن اكتشاف المرء مجاله الحقيقي الذي تؤهله مواهبه الحقيقية لدخوله يوفر عليه الكثير من خيبة الأمل فيما بعد.
  •       إن الإصلاح الإداري الفعال يستطيع أن يقضي على التسيب و التعقيد و الكثير من الفساد، و لكنه في غياب التجهيزات الأساسية الضرورية لا يستطيع تقديم خدمات عامة تذكر.
  •     لا تستطيع أن تخضع الآخرين لسلطتك، إلا عن طريق ثلاثة دوافع، الرغبة في الثواب، الخوف من العقاب، أو الحب والإحترام. هنا يأتي ترتيب الأولويات عليك أن تبدأ بتحفيز الآخرين بالحب والإحترام، عندما يتعذر الوصول إلى الهدف عن هذا الطريق لك أن تلجأ إلى الإغراء بالثواب، عندما يفشل هذا المسعى، وعندها فقط لك أن تلجأ إلى آخر العلاج، العقاب أو التلويح به.
  •    شعرة معاوية الإدارية التي تُشد و تُرخى هي التي تشكل الفرق بين المدير الضعيف والمدير الفعال والمدير الطاغية.
  •       لا يمكن لأي مؤسسة إدارية، كبيرة كانت أو صغيرة أن تعمل بلا انضباط، والحد الأدنى من الانضباط هو الوصول إلى المكاتب في بداية الدوام و البقاء فيها حتى نهايته. وضبط الدوام ليس معضلة كبرى كما يتصور البعض. فوصول الرئيس في الموعد المحدد يضمن وصول باقي الموظفين في هذا الموعد، وبقاؤه إلى نهاية الوقت المحدد كفيل ببقاء الجميع.
  •       الذين لا يستطيعون التقيد بالمواعيد لا يستطيعون تنظيم حياتهم على نحو يجعلهم منتجين بحد عالي من الكفاءة.
  •       الذين يعرفون فرحة الوصول إلى أعلى السلم هم الذين بدأوا من أسفل. والذين يبدأون بأعلى السلم لن يكون أمامهم إلا النزول.
  •       يحسن بالمرء في عالم الإدارة، وفي عالم الحياة الواسع، أن يوطن نفسه على التعامل مع جسام الأمور وتوافهها على حد سواء.
  •       أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين، هو في حقيقته، هزيمة ترتدي ثياب النصر.
  •       افتح المجال أمام الآخرين وسوف يذهلك ما تراه من منجزاتهم.
  •       الفرق بين أسلوب الإداري الهجومي والإداري الدفاعي: الإداري الهجومي لا ينتظر القرارات ولكن يستبقها؛ الإداري الدفاعي يحاول أن يبتعد عن اتخاذها. الهجومي لا ينتظر حتى تتضخم المشاكل؛ أما الدفاعي فلا يتعامل مع أي مشكلة إلا بعد أن تتخذ حجماً يستحيل معه تجاهلها. الهجومي يدير المؤسسة من مكتبه و يحرص على أن يكون في الموقع أكبر وقت ممكن؛ أما الدفاعي فلا يغادر مكتبه إلا في المحن والأزمات. الهجومي يعتبر نفسه مسؤولا عن تطوير الجهاز وإصلاحه؛ أما الدفاعي فلا يرى لنفسه مهمة تتجاوز الإدارة اليومية. الهجومي لا يخشى أن يكون موضع جدل؛ أما الدفاعي فيتجنب كل ما يثير الجدل. الهجومي ينفق كل الإعتمادات ويطالب بالمزيد؛ أما الدفاعي فيستوي عنده الإنفاق والتوفير. الهجومي لايسمح للمعارضة أن تثنيه عن موقفه؛ أما الدفاعي فيتراجع عند اصطدامه بأول جدار.لعل الفارق الكبير أن الهجومي لا يهمه أن يخسر وظيفته أما الدفاعي فكل شيء يهون لديه في سبيل البقاء في موقعه. لا أريد أ يفهم أحد أن الأسلوب الهجومي هو بالضرورة أفضل من الأسلوب الدفاعي. هناك مؤسسات لا يمكن أن تدار بأسلوب هجومي و مؤسسات ينعشها الأسلوب الهجومي.
  •       لا تذهب إلى عمل جديد إلا بعد أن تعرف كل ما يمكن معرفته عن العمل الجديد.
  •       اختبر الخدمة التي يقدمها الجهاز، واختبرها بنفسك.
  •     الإجتماع الصباحي اليومي وصفة سحرية يحسن بكل إداري أن يتبناها. في الإجتماع الصباحي يدرك الرئيس ما يدور في الجهاز، وتتاح الفرصة لنقاش حر مستفيض، و تجيء التعليمات بلا ابطاء، إضافة إلى ضبط الدوام.
  •       لكي يكون التصرف فعالاً لا بد من أن يكون عقلانياً.
  •       لا ينبغي على الرئيس الإداري مهما كان تعلقه بالمؤسسة التي يرأسها، أن يختلق جدوى لا توجد، وأن يحرص على توسع لا ينفع.
  •       على القائد الإداري أن لا يتردد في اتخاذ القرارات الضرورية حتى ولو كانت مؤلمة.
  •       إذا لم تكن للقائد الإداري القدرة على نقل موظف لم يعد قادراً على العطاء من موقعه فمن الأفضل أن لا يتصدى للقيادة الإدارية.
  •      على الرئيس العاقل ألا يضيع الكثير من الوقت والجهد في محاولة يائسة لزحزة المقاعد من مواقعها. إن كان يريد التغيير فلا بد أن يبدأ بالرجال لا بالمقاعد.
  •       ثلاث صفات لا بد من توفرها في القائد الإداري الناجح، الأولى صفة عقلية خالصة و هي القدرة على معرفة القرار الصحيح. الثانية صفة نفسية خالصة وهي القدرة على اتخاذ القرار الصحيح. الثالثة هي مزيج من العقل والنفس هي المهارة والقدرة على تنفيذ القرار الصحيح.
  •     أسباب الفشل الإداري: الإداري الغبي لا يستطيع معرفة القرار الصحيح؛ الإداري الجبان لا يستطيع اتخاذ القرار الصحيح؛ والإداري غير الماهر لا يستطيع تنفيذ القرار الصحيح.
  •       التخصص في غياب الصفات القيادية الثلاث لا يعني شيئاً.
  •       بعض الإداريين يخطؤون خطأً بيناً عندما يبدأون التخطيط بجهاز لم يستكمل مقوماته التنظيمية. لكي تخطط لعمل جهاز ما يجب أن تكون الصورة الإدارية للجهاز متضحة في أذهان المخططين.
  •       لا تستح أبدا من أن تعترف بجهلك وأن تعالجه بخبرة الخبراء.
  •       لا يمكن أن يكون القائد الإداري فعالاً إن ظلت منجزاته طي الكتمان.
  •       البحث عن الأكفأ دون تأثر بمشاعر المودة والصداقة أو الزمالة.
  •       على الإداري أن يفصل بقدر الإمكان، بين حياته العامة وحياته الخاصة.
  •       اختيار المساعدين الأكفاء نصف المشكلة، والنصف الآخر هو القدرة على التعامل معهم. لا شيء يتعب أكثر من التعامل مع الأبطال. إذا كنت لا تريد أن تسمع سوى (نعم ، نعم، نعم!) فمن الأسهل والأرخص أن تشتري جهاز تسجيل؛ أما إذا كنت تريد بالفعل، مشاركة الرجال عقولها فعليك أن تتذرع بصبر لا حدود له.
  •       إن كنت لا تستطيع أن تتحمل مسؤولية الخطأ الذي يرتكبه أحد العاملين معك فمن الأفضل أن تبقى في دارك.
  •       الحلول العاجلة هي أقصر الطرق إلى الفشل. النجاح لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل الدائب المبني على تخطيط علمي.
  •       النجاح ثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر، العرق والدموع.
  •       في الإدارة لا يمكن الإعتماد على الحظ السعيد.
  •       معرفة نواحي الضعف هي الخطوة الأولى نحو بناء القوة.
  •       لكي توجد روح الفريق يجب أن يشعر كل من يعمل في الفريق أن دوره لا يقل أهمية عن أي لاعب آخر، بل عن دور قائد الفريق.
  •    سر النجاح في قيادة المجالس أمران سهلان/صعبان: التحضير الكامل واحترام مشاعر الأعضاء الآخرين ورغباتهم. لا يمكن للرئيس أن يدير الجلسة بكفاءة مالم يكن مستوعباً كل مادة على جدول الأعمال استيعاباً تاماً، ومالم يكن قادراً على الإجابة على كل تساؤل يمكن أن يثيره الأعضاء.
  •       لا يمكن لحوار أن يتم في وجود التشنج، أزل التشنج ثن ابدأ الحوار.
  •       إن الذي لا يخطيء هو الذي لا يعمل.
  •      الإداري الناجح، على خلاف ما يتصور الناس، ليس هو الإداري الذي لا يمكن أن يستغني العمل عن وجوده لحظة واحدة. على النقيض من ذلك تماماً، الإداري الناجح هو الذي يستطيع تنظيم الأمور على نحو لا تعود معه للعمل حاجة إلى وجوده.
  •       محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكار قديمة هي مضيعة للجهد والوقت.
  •        أعظم قائد أوركسترا في العالم لا يستطيع أن يفعل شيئاً بدون فرقة من الموسيقيين المدربين.
  •       ليس للنجاح أي سبيل سوى التخطيط الهاديء والتنفيذ الصحيح.
  •       المال عنصر أساسي في الإدارة ولكنه ليس العنصر الأوحد، وقد لا يكون العنصر الأهم.
  •       عندما يكون عدد الموظفين صغيراً فلا مبرر لتعقيد الوضع بتنظيم هرمي.
وأختتم هذه النقاط بقوله "لا أعرف أحداً خُلّد في وظيفة سوى ابليس الرجيم". "كل كائن يكف عن النمو يبدأ في الموت. والإنسان السعيد هو الذي يستطيع أن يحول كل موسم من مواسم الحياة فرصة لنمو طاقات جديدة ، أو متجددة، في أعماقه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

*كتاب حياة في الإدارة، تأليف الدكتور غازي القصيبي، الطبعة الخامسة عشرة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

تعليقات

الأكثر قراءة

تاريخ اليهود منذ بدايتهم حتى تشتتهم على أيدي الرومان*

توأم الروح

تاريخ المكتبات (٣) الحضارات القديمة وأوراق البردي