المشاركات

من حياة الأدباء | ١٠ | هاروكي موراكامي

صورة
    "عندما لا أكتب أصبح لا شيء، بل أشعر أن وجودي الإنساني يتلاشى. إحدى وظائف الأدب أن يثير لدينا الأسئلة حول أنفسنا".   كتب ديستويفسكي أعظم روايتين له، الشياطين والإخوة كارامازوف في آخر سنوات عمره، وهو في سن الستين. دومينيكو سكارلاتي ألف أغلب موسيقاه وهو بين السابعة والخمسين والستين من عمره.  هذه الحقائق التي يذكرها موراكامي عن هذين المبدعين تعيدنا بالذاكرة إلى ايزابيل الليندي والتي لم تكتب روايتها الأولى إلا وهي في الأربعين، وهذا برهان آخر يؤكد أن الابداع ليس له عمر. ومن حياة هاروكي موراكامي نستطيع أن نرى برهاناً آخر.    هاروكي موراكامي هذا الروائي والمترجم الياباني الذائع الصيت، والذي تترجم رواياته لأكثر من خمسين لغة حية، ولد في كيوتو عام ١٩٤٩ لوالدين معلمين للأدب الياباني، وترعرع في كيوبي، ونشأ محباً للثقافة الغربية فقرأ الأدب الغربي واستمع للموسيقى الغربية، وهذا الابتعاد أو النفور من الثقافة اليابانية يشي بعلاقته مع والده المتخصص في الأدب الياباني. يقول "انغمست مبكراً في الثقافة الغربية: موسيقى الجاز ودوستويفسكي وكافكا ورايموند شاندلر، فهنا كان يتشكل عالمي وأرض أحلام

من حياة الأدباء | ٠٩ | ايزابيل الليندي

صورة
  "أحتاج أن أروي قصة؛ إنه هاجس. كل قصة هي بذرو في داخلي، تنمو وتنمو، مثل ورم، ويجب أن أتعامل معها عاجلاً أو آجلاً. لماذا قصة بعينها؟ أنا لا أعرف ذلك حينما أبدأ. ولكني أعرف ذلك لاحقاً".    لاحظوا الفرق بين الكتاب في شرارة الكتابة، توني موريسون تقول إنها تبدأ عند تكوُّن فكرة تفرض عليها سؤالاً صعب الإجابة، وبصرامة تامة تعرف الشخصيات وكيف ستنتهي الرواية، أما ايزابيل الليندي هنا تحركها الرغبة في أن تروي قصة، وتدع تيار هذه القصة يأخذها حتى تتبلور. تقول "عندما أبدأ بكتابة كتاب، فأنا لا أملك أدنى فكرة إلى أين سيذهب. أنا فقط أعرف بأنني أريد – بشكل رقيق وخفي – أن أوقع تأثيراً في قلب القارئ وعقله".    هذه هي ايزابيل الليندي أكثر الكتاب المحبوبين في أمريكا اللاتينية، الروائية التي كتبت لنا بيت الأرواح، الرواية التي جعلتها في طليعة كتاب أمريكا اللاتينية، فهي روائية تشيلية، ولدت في البيرو وعاشت مدة طويلة في فنزويلا، وأقامت فترة في لبنان، والآن تعيش في أمريكا.  هذه التنقلات الكثيرة،  نتيجة حياة متقلبة فقد مرت حياتها بعديد من المراحل والمنعطفات، فوالدها تخلى عنها وعن أسرته وهي في س

من حياة الأدباء | ٠٨ | توني موريسون

صورة
    "يتحتم على الكاتب دوماً أن يتوخى شديد الحذر ويولي أهمية قصوى لما يكمن بين الكلمات، ولكل ما لا يقال مما يحمله الايقاع ونمط وتشكيل العبارات. إن مالا تكتبه هو في العادة ما يمنح ما تكتبه تلك السطوة التي يحوزها إن كانت له ثمة سطوة ما" هكذا تنصح الكُتّاب أكثر الكاتبات صرامة مع قلمها وهي توني موريسون أول امرأة ذات أصول أفريقية تحصل على جائزة نوبل للأدب، وأول كاتبة من أصول أفريقية تتصدر صورتها مجلة نيوزويك. وهذا لم يحصل لأي كاتب أو كاتبة من أصول أفريقية قبل ذلك.  فكيف كان الطريق من ولاية أوهايو التي ولدت فيها عام ١٩٣١ لأسرة من الطبقة العاملة، ثم إلى هجرة عائلتها من جورجيا بسبب الفقر والظلم والفصل العنصري وضيق الحياة السائد في الجنوب الأمريكي تحت معاملة البيض، ثم إلى أرفع جائزة أدبية، جائزة نوبل للأدب.  طبيعة هذه الحياة القاسية شكلت مخيلة توني موريسون وكان لحكايا والدها الشعبية أثر كبير في مخيلتها السردية، فقد كان يقويها على الحياة بحكايا عن مجتمعهم الأم في أفريقيا، كان دائماً ما يطالبها بأن تكون قوية وأن تجابه الظلم وأن تواجه الحياة بالصمود، أما والدتها فكانت قوية، جابهت العنصرية

من حياة الأدباء | ٠٧ | خورخي لويس بورخيس

صورة
    "دع الآخرين يتفاخرون بأنفسهم بعدد الصفحات التي كتبوها؛ أما أنا فأفضل أن أتباهى بعدد الصفحات التي قرأتها"   هذه الكلمات لخورخي لويس بورخيس أحد أفضل كتاب جيله، هذا الكاتب الذي أقر رواد الكتابة الاسبانية في القرن العشرين بأنهم مدينون له، ومع ذلك كان يقول عن نفسه وأنه قبل كل شيء قارئ، وكانت كتب الآخرين هي ما يريد أن يحاط به.    ولد خورخي لويس بورخيس في عام ١٨٩٩في بوينس آيرس، وكان والده من أصول انجليزية فنشأ متحدثاً بالإنجليزية. نشأ محباً للقراءة والأدب، قرأ الأدب الاسباني والإنجليزي منذ سن صغيرة. عاش متنقلا بين سويسرا واسبانيا ثم عاد إلى الأرجنتين، وبدأ في كتابة الشعر، ثم القصص القصيرة. حياة بورخيس متعلقة بالكتب، فجوهر الحقيقة عنده يكمن في الكتب؛ قراءة الكتب، تأليف الكتب، والتحدث عن الكتب. يقول "لست أدري بالضبط سبب إيماني بأن الكتاب يجلب لنا أفق السعادة، لكنني ممتن حقاً لتلك المعجزة المتواضعة. هكذا آمن بأن السعادة يمكن العثور عليها في الكتب. لذلك عمل كمكتبي في أول حياته إلى أن أصبح مدير مكتبة الأرجنتين الوطنية وشغل وظيفة أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة بوينس آيريس.    كان

من حياة الأدباء | ٠٦ | ارنست همنغواي

صورة
    أنا ارنست همنغواي، وعندي رواية ومجموعة من القصص وأعمل مراسلاً صحفياً.  قال فوكنر والامتعاض يملأ وجهه، وبعد؟  أجبت: لا شيء. فقط كنت أحلم بأن ألتقي بك، وها قد تحقق الحلم.    هذا الشاب الذي حلم بلقاء فوكنر في يوم ما، حصل على نوبل للأدب من بعد أن بدأ حياته العملية كمحرر لجريدة مدرسته الثانوية، ثم مراسلاً لصحيفة كانساس سيتي ستار فتعلم فيها كتابة التقارير وكتابة مواضيع الأخبار، وبدأ في بناء أسلوبه الخاص والذي عرف بأسلوب الإرشاد النجمي الذي يصفه بقوله: "استخدم الجمل القصيرة. استخدم فقرات افتتاحية قصيرة. استخدم لغة انجليزية متينة. كن ايجابياً لا تكن سلبياً. وهذا الأسلوب هو ما قد تلمحه في كتابات همنغواي.    يُقال إن همنغواي كان رجلاً منجذباً إلى الحرب والعنف والموت وقد تكون طفولته الغريبة دفعته إلى هذا التوجه، فقد كانت والدته "غريس هال همنغواي" تلبسه وهو وشقيقته مارسيلين ملابس فتيات لأسبوع وفي الأسبوع التالي تلبسهما ملابس ذكور، حتى أنها أعطته اسم فتاة وأسمته ارنستين، وهذا مما دفعه دائماً بالتصريح بكره أمه.  أما أبوه فقد كان محباً للرحلات البرية، فعلمه الصيد والتخييم، وهذا ربّ

من حياة الأدباء | ٠٥ | وليام فوكنر

صورة
  "لا تلق بالاً لأن تكون أفضل من أقرانك أو سابقيك. حاول أن تكون أفضل من نفسك". هذا ما سعى إليه الكاتب الأمريكي وليام فوكنر- فبالرغم أنه لم ينل إلا تعليماً أساسياً فقط وفشل في تقبل العملية التعليمية سواء في المدرسة أو خلال مسيرته الجامعية القصيرة إلا أنه حصل على نوبل للأدب ، وعدة جوائز أخرى، فكان صاحب قوة تخيلية هائلة أصبح بها أعظم روائي أمريكي في القرن العشرين. يقول فيلاديمير نابوكوف الروائي الروسي الأمريكي: "الأدب عبارة عن ابتكار، والكتابة القصصية تنبع من الخيال وحده. أن يقال عن قصة ما أنها حقيقية لهو إهانة للفن وللحقيقة في نفس الوقت". وهذا ما كان عليه فوكنر في كتاباته.  ابتدأ فوكنر بكتابة الشعر ونشر أول مجموعة شعرية له عام ١٨٢٤م ولكن الشعر كان جنساً أدبياً لا يتمتع فوكنر فيه بالموهبة. ولكن بعد لقائه لشيرود أنديرسون تحول فوكنر بتأثير منه إلى الرواية. فكتب أول رواية له بعنوان راتب الجندي، ثم رواية البعوض عام ١٩٢٧. لم تثر هاتان الروايتان أي صخب في الساحة الأدبية أو بين الجمهور إلى أن كتب رواية الصخب والعنف التي يصفها جبرا ابراهيم جبرا وهو أول من ترجم لنا هذه الرواية

من حياة الأدباء | ٠٤ | فرانز كافكا

صورة
  "استوقفني عند البوابة وسألني: إلى أين اتجاهك أيها الفارس؟ أجبته "أنا لا أعرف بالضبط. بعيداً عن هنا. فقط بعيداً عن هنا. دائماً بعيداً عن هنا. وباستمرار. هكذا فقط يمكنني أن أصل إلى هدفي. سألني: واضح أنك تعرف هدفك جيداً؟ أجبته، نعم. أعرف هدفي جيداً سبق وأن أخبرتك به تواً بعيدا عن هنا هذا هو هدفي".  هذا هو فرانز كافكا يعبر على لسان أحد شخوصه عن حالة الفرار والخوف التي تلازمه،  كان الخوف بالنسبة لكافكا هو الاحساس المؤكد في الحياة. جعله الخوف شخصاً مراقباً متفرجاً. وقد امتص خوفه مقدرته على اتخاذ القرارات الفعلية الواضحة . لذلك كانت كتبه تتمحور حول إحساس غير مبرر، وحول الخوف الغامض من سوء الفهم. كان متوجساً إلى حد كبير؛ إنساناً وفناناً. يظل متيقظاً حذراً في الوقت الذي يحس فيه الآخرون الصم من وجهة نظره بالاطمئنان.  ولكن ما السر خلف هذا الخوف؟  ولد فرانز كافكا في براغ عام ١٨٨٣، لعائلة ميسورة فتلقى تعليمه بالألمانية وفي مدارس مرموقة في براغ، وكان يتحدث التشيكية وتعلم اللاتينية، والاغريقية، درس القانون بإجبار والده حتى نال درجة الدكتوراة عام ١٩٠٦. أن يدرس الشخص تخصصاً حتى ينال در