|
Pablo Picasso |
بابلو بيكاسو، لا يمكن أن يمر ذكر الفن الحديث بدون ذكر اسم بابلو بيكاسو هذا العبقري والذي امتد عمره ليكون شاهدا على حربين عالميتين، شهد ثورة الكهرباء، الميديا، الطائرات ومع كل هذه التغيرات التي شهدها كان قادرًا على التكيف مع الحياة ومواكبتها فأنتج خلال مسيرته كما يُقال خمسين ألف عمل فني، ولا يعكس هذا الرقم سوى ما يتمتع به بيكاسو من طاقة هائلة تحفزه على هذا الإبداع. ولد بيكاسو عام ١٨٨١ في ملقا-اسبانيا وقد ظهرت عليه علامات النبوغ منذ سن مبكرة فبدأ ببيع لوحاته منذ أن كان في سن التاسعة وعند نهاية المسير في هذه الحياة الطويلة التي امتدت إلى أن بلغ الواحدة والتسعين من عمره أصبح أغنى فنان في التاريخ.
ابتدأ رحلة احتراف الفن بلوحته العلم والإحسان (Science and charity 1897 ) وهو في السادسة عشرة وتظهر أخته "لولا" وهي مريضة ، يجلس أبوه بجانبها. وبهذه اللوحة حاز على أولى جوائزه في مدريد.
|
Science and Charity 1897 |
في العام ١٩٠٠م أقام أول معرض خاص بأعماله في مقهى (Els Quatre Gats) والذي مازال قائماً في مدينة برشلونة بإسبانيا، عرض في هذا المعرض اكثر من خمسين بورتريه وستين لوحة أخرى.
تعكس لوحات بيكاسو الكثير من ما مر به خلال رحلته الطويلة مع الفن والحياة، فهناك ما يعرف بالحقبة الزرقاء من تاريخه الفني وهي الفترة التي تلت انتحار صديقه المقرب ( Carlos Casagemas) عام ١٩٠١م ، وسميت بذلك لأن اللون الغالب على لوحاته في هذه الفترة هو الأزرق تعبيراً عن الحزن، فمثلا لوحة البورتريه الخاصة به عام ١٩٠١م أو لوحة عازف القيثارة عام ١٩٠٣م. انكسر هذا الطابع الحزين لدى بيكاسو بعد انتقاله إلى باريس عام ١٩٠٤م وَمِمَّا ساعده على تجاوز هذا الحزن هو علاقته بفرناندي أوليفر، فبدأت بذلك ما يعرف بالحقبة الزهرية من تاريخ بيكاسو تعبيرا عن الفرح وليس لسيادة اللون الزهري على أعماله.
|
Self-Portrait 1901 |
إلتقى بيكاسو بجيرترود ستاين الكاتبة والشاعرة الأمريكية في باريس وكانت تجد أن بيكاسو شخص استثنائي لا يشبه أحداً ولا يشبهه أحد و امتلكت العديد من لوحاته التي كان من ضمنها البورتريه الخاص بجيرترود و التي كانت تحدي بالنسبة له لأنه لم يستطع أن يتقنها حتى بعد أن حاول ثمانين مرة و جيرترود ماثلة أمامه حتى يأس من إتمام هذا البورتريه، إلا أنه أتمه من ذاكرته بعد ذلك، فبالرغم أن الكثير قال أن الظاهرة في البورتريه لا تشبه جيرترود إلا أنها كانت تعلق دوما بأنها تجد ذاتها في هذه اللوحة، كانت شغوفة بهذا العمل كانت تريد أن تجده قريباً منها دوماً. هذا العمل كان نقطة تحول في مسيرة بيكاسو الفنية فقد ألهمه أنه يجب أن لا يرسم كل مايراه كما هو بل يجب أن يرسم ما يتخيله مما يراه وكان هذا إيذاناً بمرحلة جديدة في تاريخ الفن الحديث.
|
Gertrude stein portrait by Picasso 1906 |
في العام ١٩٠٧م أنجز بيكاسو أكبر عمل له في ذلك الوقت، بحجم ثمانية أقدام طولاً وثمانية أقدام عرضاً، لوحة عنوانها (Les Demoiselles D’avignon )، وقد كانت هذه اللوحة جامحة، تُظهر خمس سيدات بخلاف ما كان متعارف عليه في أن الرسم يعكس الواقع المُشاهد، فصورهن مشوهن وبزوايا حادة تظهر أجسادهن وكأنها مهشمة الأجزاء. وبرغم الإستياء الذي أصاب المهتمين بالفن في ذلك الوقت كان هذا العمل هو باكورة ما عُرف بالمدرسة التكعيبية في الفن الحديث.
|
Les Demoiselles D’avignon 1907 |
توالت الأحداث في حياة بيكاسو وانتقل من اُسلوب إلى آخر مبتكراً ومجدداً في الفن بطاقته المعهودة حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى فكانت حدثاً جدد أحزانه وأنهك روحه، خسر الكثير من الأصحاب والأحباب ومن ضمن الأعمال المتزامنة مع هذه الفترة لوحته (Harlequin) والتي نلاحظ من خلالها اللوحة الفنية الغير مكتملة والخلفية السوداء التي تعكس ذلك السواد المرخي سدوله على أوروبا وعلى روحه هو أيضاً.
|
Harlequin 1915 |
وكما يجب أن يكون الفنان مرهف الحس رافضاً كل أنواع العنف مندداً بالحروب والاقتتال قام بيكاسو بعمل أشهر لوحاته وأكبرها حجماً، لوحته الشهيرة (Guernica) بعد أن قصف الألمان مدينة غرينيكا بإسبانيا في العام ١٩٣٧م وراح ضحية هذا القصف الكثير من الرجال والنساء والأطفال، فصور من خلالها صهيل الخيول، سقوط الجنود، الأطفال الموتى في أحضان أمهاتهم وصريخ النساء على المنازل المحترقة فكانت لوحة تصور الرعب والتشظي الذي تخلفه الحروب.
|
Guernica 1937 |
عاصر الحرب العالمية الثانية وكل ما خلفته من حزن ودمار على الجنس البشري، وكل ما عاناه هو أيضاً خلال هذه الحرب، استمر منتجاً مبدعاً حتى أنه حضر مؤتمر السلام في بولندا عام ١٩٤٨ وقدم في السنة التي تليها ملصق يحمل الحمامة البيضاء، فبفضل بيكاسو أصبحت الحمامة البيضاء هي رمز السلام في العالم أجمع حتى يومنا هذا.
|
(Poster for world peace congress. Paris 1949 (image of dove by Picasso |
توفي بابلو بيكاسو في الثامن من شهر إبريل للعام ١٩٧٣م مخلفا عالماً من الألوان، مهدياً الجنس البشري درساً في الإيجابية والعطاء، مؤكداً أن الإبداع لاينضب بالرغم من كل الصعاب، وأن الحياة بدون شغف لن تكون.
جميل جدا
ردحذفشكرًا لوقتك ومرورك، كل التقدير لتعليقك 💐💐
حذفرائع احسنت 👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻
ردحذف