قواعد العشق



قواعد العشق الأربعون \ إليف شافاق

عمل أدبي باذخ استحوذ على الكثير من اهتمامي, آسر بما فيه من قوة الحبكة و بما فيه من الخيال الجميل الذي ساعد في تلك الحبكة. أخذتني هذه الرواية إلى شيء من عالم الفلسفة الصوفية الواسع إما بالقواعد المشار إليها في متن النص أو بما تعكسه حوارات النص و ما تطويه حروفه من أفكار عميقة تستحق التأمل. و أوعز اهتمامي هذا بهذا النص العميق ربما إلى طبيعة و فكر المجتمع الذي نشأت به و أغلق علينا جميع الطرق في محاولة رؤية الوجه الجميل في أي شيء نختلف معه. فتعاملنا مع الورد أنه منبت شوك لا نلمسه حيث أنه يمكننا أن نستمتع بالورد عند الحذر من شوكه. و هذا ما دعاني لسرد تلك القواعد المشار إليها في النص تباعاً حتى يسهل التفكر بها و الاستمتاع بالمعاني التي تحتويها بغض النظر عن إيماني بهذه القواعد أو عدم إيماني بها, أجمعها ليتفكر بها من أراد و لنا أن نأخذ ما نريد و نرد ما نريد.

1
الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا الطريقة التي نرى فيها أنفسنا. فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف و الملامة فهذا يعني أن قدرا كبيراً من الخوف و الملامة يتدفق في نفوسنا. أما إذا رأينا الله مفعما بالمحبة و الرحمة, فإننا نكون كذلك.

2
إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس.

3
إن كل قاريء للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه. و هناك أربعة مستويات من البصيرة:
يتمثل المستوى الأول في المعنى الخارجي و هو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس, ثم يأتي المستوى الباطني. و في المستوى الثالث يأتي باطن الباطن, أما المستوى الرابع فهو العمق و لا يمكن الإعراب عنه بالكلمات لذلك يتعذر وصفه.
4
يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء و كل شخص في هذا الكون,لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد أو في الكنيسة أو الكنيس.
5
يتكون الفكر و الحب من مواد مختلفة. فالفكر يربط البشر في عقد لكن الحب يذيب جميع العقد.
6
تنبع معظم مشاكل العالم من أخطاء لغوية و من سوء فهم بسيط.
7
الوحدة و الخلوة شيئان مختلفان.

8
مهما حدث في حياتك و مهما بدت الأشياء مزعجة فلا تدخل ربوع اليأس و حتى لو ظلت جميع الأبواب موصدة فإن الله سيفتح درباً جديداً لك.

9
لا يعني الصبر أن تتحمل المصاعب سلباً, بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية. ماذا يعني الصبر؟ إنه يعني أن تنظر إلى الشوكة و ترى الوردة, أن تنظر إلى الليل و ترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعني أن تكون قصير النظر و لا تتمكن من رؤية النتيجة.
10
لكي تولد نفس جديدة يجب أن يكون ألم. و كما يحتاج الصلصال إلى حرارة ليشتد فالحب لا يكتمل إلا بالألم.

11
إن السعي وراء الحب يغيرنا فما من أحد يسعى وراء الحب إلا و ينضج أثناء رحلته. فما إن تبدأ رحلة البحث  عن الحب حتى تبدأ تتغير من الداخل و من الخارج.
12
يوجد معلمون مزيفون و أساتذة مزيفون في هذا العالم أكثر عددا من النجوم في الكون المرئي.فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملون بدافع السلطة و بين المعلمين الحقيقيين. فالمعلم الروحي الصادق لا يوجه انتباهك إليه ولا يتوقع طاعة مطلقة أو إعجاباً تاماً منك بل يساعدك على أن تقدر نفسك الداخلية و تحترمها. إن المعلمين الحقيقيين شفافون كالبلور. يعبر نور الله من خلالهم.
13
لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك, بل دع الحياة تعيش فيك. و لا تقلق إذا قلبت حياتك رأساً على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف الجانب الذي اعتدت عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي ؟؟
14
(( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ))
15
إن القذارة تقبع في الداخل, لا في الخارج .
16
إن كل إنسان عبارة عن كتاب مفتوح, و كل واحد منا قرآن متنقل. إن البحث عن الله متأصل في قلوب الجميع, سواء كان وليا أم قديسا أم مومساً. فالحب يقبع في داخل كل منا منذ اللحظة التي نولد فيها و ينتظر الفرصة التي يظهر فيها منذ تلك اللحظة.
17
إذا أراد المرء أن يغير الطريقة التي يعامله فيها الناس فيجب أن يغير الطريقة التي يعامل فيها نفسه. و إذا لم يتعلم كيف يحب نفسه, حباً كاملاً صادقاً, فلا توجد وسيلة يمكنه فيها أن يحب.
18
لا تهتم إلى أين سيقودك الطريق. ركز على الخطوة الأولى فهي أصعب خطوة يجب أن تتحمل مسؤوليتها. لا تسير مع التيار بل كن أنت التيار نفسه.
19
لا يوجد شخصان متشابهان, و لا يخفق قلبان لهما الإيقاع ذاته. و لو أراد الله أن نكون متشابهين لخلقنا متشابهين. لذلك فإن عدم إحترام الاختلافات و فرض أفكارك على الآخرين يعني عدم احترام النظام المقدس الذي أرساه الله.
20
عندما يدخل عاشق حقيقي لله إلى حانة, فإنها تصبح غرفة صلاته, لكن عندما يدخل شارب الخمر إلى الغرفة نفسها, فإنها تصبح خمارته. ففي كل شيئ نفعله قلوبنا هي المهمة, لا مظاهرنا الخارجية.
21
ما الحياة إلا دين مؤقت. و ما هذا العالم إلا تقليد هزيل للحقيقة.
22
يتبوأ الانسان مكانة فريدة بين خلق الله إذ يقول عز و جل ((و نفخت فيه من روحي))
23
في كل مرة نحب نصعد إلى السماء, و في كل مرة نكره أو نحسد , أو نحارب أحداً فإننا نسقط في نار جهنم.
24
يشبه هذا العالم جبلا مكسوراً بالثلج يردد صدى صوتك. فكل ما تقوله سواء أكان جيداً أم سيئاً, سيعود إليك على نحو ما.
25
إن الماضي تفسير, و المستقبل وهم.
26
لا يعني القدر أن حياتك محددة بقدر محتوم. لذلك, فإن ترك كل شيئ للقدر و عدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على جهل مطلق.
27
إن الصوفي الحق هو الذي يتحمل بصبر, حتى لو اتهم باطلاً, و تعرض للهجوم من جميع الجهات, ولا يوجه كلمة نابية واحدة إلى أي من منتقديه.
28
إذا أردت أن تقوي إيمانك, فيجب أن تكون ليناً في داخلك. لأنه لكي يشتد إيمانك, و يصبح صلبا كالصخرة, يجب أن يكون قلبك خفيفاً كالريشة.
29
يجب أن لا يحول شيئ بينك و بين الله, لا أئمة ولا قساوسة ولا أحبار, و لا أي وصي آخر على الزعامة الأخلاقية أو الدينية, و لا السادة الروحيون ولا حتى إيمانك. آمن بقيمك و مبادئك ولكن لا تفرضها على الآخرين, و إذا كنت تحطم قلوب الآخرين , فمهما كانت العقيدة الدينية التي تعتنقها, فهي ليست عقيدة جيدة.
30
على الرغم من أن المرء في هذا العالم يجاهد ليحقق شيئا و يصبح شخصاً مهماً, فإنه سيخلف كل شيء بعد موته.
31
لا يعني الاستسلام أن يكون المرء ضعيفا أو سلبياً ولا يؤدي إلى الإيمان بالقضاء و القدر أو الاستسلام, بل على العكس تماماً. إذ تكمن القوة الحقيقية في الاستسلام-القوة المنبعثة من الداخل. فالذين يستسلمون للجوهر الإلهي في الحياة, يعيشون بطمأنينة و سلام حتى عندما يتعرض العالم برمته إلى اضطراب تلو الاضطراب.
32
في هذا العالم, ليست الأشياء المتشابهه أو المنتظمة, بل المتناقضات الصارخة, هي ما يجعلنا نتقدم خطوة إلى الأمام.
33
لقد خُلق هذا العالم على مبدأ التبادل, فكل امريء يُكافأ على كل ذرة خير يفعلها, و يعاقب على كل ذرة شر يفعلها.
34
إن الله ميقاتي دقيق. إنه دقيق إلى حد أن ترتيبه و تنظيمه يجعلان كل شيء على وجه الأرض يتم في حينه لا قبل دقيقة ولا بعد دقيقة. فلكل شخص وقت للحب و وقت للموت.
35
ليس من المتأخر مطلقا أن تسأل نفسك, هل أنا مستعد لتغيير الحياة التي أحياها؟ هل أنا مستعد لتغيير نفسي من الداخل؟؟

36
مع أن الأجزاء تتغير, فإن الكل يظل ذاته, لأنه عندما يغادر لص هذا العالم, يولد لص جديد و عندما يموت شخص شريف, يحل مكانه شخص شريف آخر.
37
لا قيمة للحياة من دون عشق.
(العشق ماء الحياة. و العشيق هو روح من النار! يصبح الكون مختلفا عندما تعشق النار الماء)

*******
سبعٌ و ثلاثون قاعدة, و أرى أن الثلاث قواعد المتبقية يمكن أن تكون أي من الأفكار التي يحتويها النص حيث أن النص يحتوي على الكثير من القواعد و الأفكار التي تحاول أن تبني روح الإنسان بالصورة التي يراها الصوفي في عالمه و محيطه ,و يؤمن بها. و أكاد أجزم أن جعل الثلاث قواعد المتبقية متوارية في طيات النص هو محاولة للسماح للقاريء بإعمال عقله و شحذ تفكيره حتى لا ينحصر في الأربعين قاعدة فقط, مما يؤدي إلى تجاهله الأفكار الأخرى.

تعليقات

الأكثر قراءة

تاريخ اليهود منذ بدايتهم حتى تشتتهم على أيدي الرومان*

تاريخ المكتبات (١).. مكتبة إيبلا هي الأولى

الحب .. موت صغير