فوضى القلم

صَرْخَةٌ مُدَوّيةٌ.. ألمٌ حَاد، أَصْواتُ مَنْ حَولِي تَخفُت حَتّى تَنْقَطِع، فَقَدْتُ الوَعْيَ، تَوسّدتُ الفَرَاغَ، ضَاعَت مِنّي الاتّجَاهَاتُ واخْتَفَى مَعْنَى الزّمَانِ والمَكَان. أَشْعُرُ بقَلبِي يَخْفِقُ بِشِدّة، أَشْعُرُ بِالضَياع، أَبْحَثُ عَنْ شَخْصِي المَجْهُول. وَإِذْ بِي أَجْمَعُ حُطَامَ مِرآةٍ مُهَشّمَة، أبْحَثُ عَنْ صُورَتِي، عَن مَلامِحِي، وَإِذ بِي أَرَانِي مَا قَبْلَ القُيودِ، مَا قَبْلَ تَرَاكُمِ الأَقْنِعِةِ، أَغُوصُ دَاخِلَ المِرْآةِ، وَإِذْ بِى فِي عَالَمٍ أَنَا حَاكِمه. اقرأ في هذه المدونة " الإنسان وعبثية الحياة" انقر هنا   أَشْرَعُ بِتَحْطِيم الابْتِسَامَاتِ الزّائِفة، القُبُلات واللّمَساتِ المَسْمومَة.أُحَطّم صَنَادِيقَ الأَفْكَارِ المُعَلّبَة، أُحَرّرهَا نَحْوَ الفِرْدَوسِ، أُحَرّر الكَلِمَاتِ مِنْ عُبُودِيّةِ المَعْنَى. أَعود نَحوَ فِطْرَتِنَا الأُولَى، نَحْوَ حَرِيرِ جَسَدٍ خَمْرِي يَأْخُذَنِي للرَفَاه مُحَرَّراً مِن عُقْدةِ الذّنبِ، أَسْتَلذُّ بَتُفّاحةٍ أَقْضِمهَا بِمنْأى عَن صُورَة خَطِيئة أَبِينَا الأُولَى. أرسِي ثَقَافة الوَر...

Statue of Averroes in Córdoba نستكمل الحديث عن رحلة تطور الفكر الإنساني كما تم سردها في رواية عالم صوفي لجوستاين غاردر وقد توقفت في المقال السابق انقر هنا عند الأفلاطونيين الجدد، حيث استمر الحديث بعدها خلال الرواية باقتضاب عن الساميين وظهور الأديان السماوية ابتداءً باليهودية، ثم المسيحية يتبعهما الإسلام، وأوضح أن الأساس في جميع هذه الأديان هو أنه لا وجود إلا لإله واحد، وأن جميع معتنقي هذه الأديان يمتلكون رؤية خطية للتاريخ بمعنى النظر إلى التاريخ كخط مستقيم، لا بد أن ينتهي وهذه النهاية هي يوم الحساب الأخير الذي يحاسب فيه البشر.  انتشرت الديانة المسيحية إلى أن أصبحت هي الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية عام ٣٨٠م، بدأت في التوسع حتى عام ٥٢٩م، وتم في هذا التاريخ إقفال الكنيسة لأكاديمية أفلاطون في أثينا، وصدر قانون منح البركة والذي يعد أول قانون كهنوتي وضعت به المسيحية يدها على الفلسفة الإغريقية فسيطرت على التعليم، الفكر، والتأويل، فدخل بذلك الفكر الإنساني في ليل طويل امتد إلى ألف عام ساد فيه فكرة تتلخص في معرفة ما إذا كان يمكن الاكتفاء بالإيمان بالتجلي المسيحي أم يمكن ا...

لوحة مدرسة أثينا - رافاييل - ١٥١١م انقر هنا   " إن العقل، كالضمير، يشبهان عضلة، إذا لم نستعملها تضعف شيئاً فشيئاً " استكمالاً للمقالات الموجزة عن تاريخ الفلسفة والمستنبطة بتصرف من رواية "عالم صوفي" لجوستاين غاردر والتي تحدثت عن الأساطير وأسباب نشوئها، ثم ظهور فلاسفة الطبيعة، في المقال الأول انقرهنا ، وتابعت في المقال الثاني انقر هنا الحديث عن السفسطائيين، فلسفة سقراط، أفلاطون، وأرسطو. لنبتدئ هذا المقال الثالث بالهللينية.  الهللينية، هو مصطلح يطلق على الفترة التي دامت ما يقارب الثلاثمئة عام والتي تلت انتصار الاسكندر على الفرس ثم ربط مصر والشرق كله حتى الهند بالحضارة الإغريقية، ويطلق هذا المصطلح أيضاً على الثقافة التي يغلب عليها الطابع الإغريقي والتي تفتحت في الممالك الثلاث الكبرى مقدونيا، مصر وسوريا. وما يميز النمط الفكري خلال المرحلة الهللينية هو التالي:  -          سيادة النمط الإغريقي الذي يتجاهل الحدود بين الشعوب وثقافاتها.  -         ذابت في هذه المرحلة كل المفاهي...